Tuesday, February 9, 2016

البينية

إليكْ،

هل يأتيك أحيانًا إحساس بالنقصان؟ إحساس بأنك لم تقُل التعبير الأمثل أو الكلمات المثلى عن الحالة التي تعتريك؟ ألا تظنّ أنه لا يوجد ما يعبّر أبدًا عمّا بداخلنا، ولذلك فنحن دائمًا نشعر بحالة من النقصان؟ أتعتقد أن لهذا السبب نحن لسنا كاملين؟ لأن نقصان التعبير الأمثل فينا يكفي أن يكون سببًا لنقصان وجودنا. أيمكن أن نقول إن وجودنا على هذه الأرض في حد ذاته ناقص؟ أن ما بداخلنا لا يخرجُ أبدًا على النحو الذي نريده حتى وإن شعرنا بذلك الشعور الذي يلي التنفيس عن النفس؟

قد يكون هذا كله سبب لشعورنا بأننا دائمًا في المنتصف بين كل شيء: بين الكلم والصمت، وبين الحب والكره، وبين الغربة والصداقة، وبين المرح والحزن، لأن ما يخرج من هذه المشاعر ليس إلّا كالجزء الظاهر من الجبل الجليدي، وما خفي منه كان أعظم وأعمق. ولكن ما سرّ هذا الكتمان غير المبرر؟ وما سرّ جهلنا أو عجزنا عن البوح بكل ما فينا؟ أهو خوف؟ أم أن ألفاظ لغاتنا محدودة إلى الدرجة التي لا تسمح لنا بالعثور على ما يعبّر التعبير الأمثل عمّا بالداخل. اللغة شيء ساحر، ولكنه محيّر في الوقت ذاته. ألا يكون هناك كلمة لكل شعور في هذه الحياة؟ ولكن هل سيحلّ هذا جميع مشاكلنا؟ أم أن المشكلة هي أن لغة البعض ركيكة ومبتذلة إلى حدّ أنّ التعبير بإحساس كالحبّ أصبح ليس فيه ما في ذرة الحب وامتلأ بالابتذال القاتل.

أدعو الله ألّا يضعنا بين المشاعر وأضدادها، أو بين الكلمات وسكتاتها، أو بين الحياة والموت.

ولكّ كُلّ ما فيّ،

نون

No comments:

Post a Comment