Saturday, February 6, 2016

نهايتي من "أولًا"

إليكْ،

قرأت في رواية ما أنك إذا أردت أن تدلّس الحقيقة فما عليك إلا بدء الحكاية من "ثانيًا". وأنا حكايتي ليس فيها إلا "أولًا" ولا أعرف لها ثانيًا، فأرجو ألا يكون في هذا تدليس ما أو إخفاء متعمّد منّي. فأنا لا أعلم إذا سيكون لحكايتي "ثانيًا" أبدًا، لأن مصيرها منك أنت وإليّ. ولكن أحيانًا تبدو أفكاري إليك أيضًا خالية من "أولًا"، تبدو أفكارًا غير منمقة ومبعثرة، وليس فيها من الجمال ما أُحِسّهُ في صمتك. بل إنني أكاد أجزم أنه ليس في كلماتي شيء بجمال صمتك. وأحيانًا آتي لأكتب لك فأرى أن كلماتي مليئة بالإسهاب القاتل الذي لا أصبر على كتابته، فما بال من سيقرؤه.

ثم أتساءل عن سبب كتابتي في الأساس ولا أجد إجابة تشفي فضولي، ولا أجد ما يقف أمامي لأكتب، فأكتب. ولا أعرف ماذا أكتب، ولكنني أسترسل في الحديث إليك على أمل أن يخرج مني لفظ يعبّر عن شيء ما بداخلي، وأنا أعلم أن جزءً ليس بالقليل مما أكتبه لا يعبّر عن أبسط الأشياء بداخلي. ولا أعلم أيضًا إن كان استمراري في الكتابة هذا هو بالشيء الحسن أم أنه يرهق تسلسل أفكاري وحبلها، أم أن هذا هو شأن الكتابة. وتبًا لها الكتابة، التي يجب أن تعامل معاملة أي مرض بشري وروحيّ.

كم أتمنى أن يتّسع معجمي بحيث أحكي لك بألفاظ مختلفة، حتى أتحرر من هذا السجن الذي أنا فيه منذ سنوات. وأذهب، إليك وإليّ وأهرب من كل شيء آخر. لأنه ليس لي مآل آخر غيرك والكتابة.

ولك كُلّ ما فيّ،

نون

No comments:

Post a Comment