Tuesday, February 2, 2016

رهبة من الحياة

إليكْ،

تتملّكني رهبةٌ دائمة الوجود، لا تتركُني أبدًا. تتملّكني رهبة بأن أعيش حياة عاديّة، بأن ينتهي بي المصير إلى أن أقود حياة مليئة بالفشل الذي لا يتخلله نجاح واحد. أخاف أن تكون أفكاري عادية وأن أكون ممن يعملون لغرض العمل أو المال فقط. أخاف أن أتزوج زواجًا عاديًا وأن أنتظر حتى أُحِبّ من أتزوجه بعد زواجنا، كما يقول لنا هذا المجتمع العجيب. أخاف أن أُنجِب أطفالًا عاديون وألا أُعلّمهم حب القراءة وحبّ الاستطلاع وحب العربية كما أحبّها، أو ألّا أعلمهم شيئًا على الإطلاق. أخاف أن أعيش لأنتظر الموت في النهاية، وأن أتمنى مع كِبَري أن تنتهي دنياي في أقرب وقت ممكن، وألا أشعر نفس شعور الصبا، بأن الوقت ضيّق وأنه لا يتّسع أبدًا لأنهي دراساتي التي لا تنتهي أبدًا.
أخاف أن أصبح شخصًا عاديًا، ألا أنتفع ولا أنفع من حولي بما أتعلمه أو تعلمته. أخاف أن يقودني ما تعلمته إلى غرور أو كِبْر أو غطرسة ما. أخاف أن ينتهي بي المطاف لأصبح بلا هؤلاء الأصحاب الذين طالما دعوت الله أن يرزقنيهم.

أخاف من الندم، ومن الكره، ومن الحب، ومن عدم ثقتي بنواياي، حتى إنني قد ألقى الله بلا عمل واحد خالص.

ولكني أخاف أشد الخوف من ألا تجيب على رسائلي في يومٍ ما، وأن يكون كل ما أكتبه لك هذا هباءً منثوراً، وكلمات تتناثر في الهواء لحظة كتابتها. أخاف أن يكون كل هذا في خيالاتي وأن تكون أنت غير موجود، وأن تكون كلماتي لكَ ليست بالصدق الكافي لأن تأتي، ولأن تكتب لي رسالة واحدة تأتي بي من الخيال الذي أظنني أعيش فيه، إلى واقع ما، إلى حياة ما، هل ستكون أفضل أم أسوأ؟ لا أدري.

أخاف في كل رسالة أكتبها لك. وما يُطمئنني هو عِلمي أن الأشياء الجميلة تختار الوقت المناسب، بل الأمثل، للظهور.
أعلم أنّك ستأتي، وأنني سأعود إلى الواقع. وبرغم كل هذا، أنا إلى الآن لا أُمانع تقوقعي في الخيال، طالما أن الواقع أليم بما فيه الكفاية.

ولك كامل إخلاصي ووفائي،

نون.

2 comments:

  1. أخاف من صمت يتملكني
    و أخاف أن أكبر بلا هوية أعرف بها نفسي.

    ReplyDelete