Sunday, February 14, 2016

إليكَ وإليّ

إليكْ،

إليكَ وإلى كلّ من أصبحت الكلمات غصّة في حلقه. إلى كل من أمضى ساعات من الليل يكتب في كلمات ليمزّقها في الصباح التالي. إلى كل من نام على فكرة ليجدها في الصباح التالي في عدّاد النسيان، وليتنا نعرف أين هو هذا العدّاد الذي يستولي على كل ما ينقص ذاكرتنا من أفكار. إلى كل من تملّك الخوف منه في أكثر لحظات حياته أهمية. إلى كل من خيّم عليه سحابٌ أسود حال دون شروق الشمس وغروبها. إلى من يجد في الليل عزاءه الوحيد وفي النجوم والقمر صحبته الهادئة.

إلى من يستمع دونما حكم وإلى من يصمت في محاولة جاهدة لإدراك هذا الحزن الذي يخّيم على الآخرين، دون الحاجة إلى كلمة مؤازرة. إلى من لا يتبدد الأمل بداخله حتى وإن انهالت عليه الحياة بكل ما فيها من قوة لتعصف ما تبقى فيه من أمل.  إليكَ وإليّ وإلى كل من هم حولنا، بكل ما فيهم من صراعات وتناقضات ونُقصان. إلى هذا العالم كلّه، الذي لا يعرفُ كم يُكمل بعضها بعضًا، ويغوص في حزنٍ مستمر دون أن يدرك أن ما يكمل نقصانه يقف بالكاد على الحافة المقابلة للنهر، أو للبحر، أو للمحيط. إننا نبحث عمّا يسعدُنا وهو على بُعد ضئيلٍ منّا. ليتنا كزرقاء اليمامة، تلك الفتاة ذات النظرة الثاقبة التي كانت ترى ما لا يراه أحد.

إليكَ وإليّ وإلى كل من ينسحب ليلًا تحت غطاء من الوحدة، وألحفة من اليأس، يحوطه هواء إنسانية زائفة من كل مكان، بل إنها تخترق كيانه وتشقّ طريقها إلى أوردته ودمه لتصبح جزءًا لا يتجزأ منه ولا ينفصل عنه. وكأنها حرب بينه وبين جسده.

إلى كلّ من يقرأ هذه الكلمات، فإنها لك، لكَ أنتَ. لكَ حتى تُدرك أنك لست وحيدًا في هذا العالم، وأن كل ما تشعر به أو شعرت به أو ستشعر به ليس بجديد على هذا العالم. فلا تجزع، إن في إدراك عدم وحدانيتك لسلوان لا غنى عنه.

ولكَ كُل ما فيّ،
نون


No comments:

Post a Comment