Monday, February 22, 2016

هدوء روحيّ

إليكْ،

أُحبّك لأنك هنا، لأنك تعطيني الفرصة لأكتب لك وأحكي لك كل شيء، لأنك تستمع لكلماتي أو تقرأها وتتبسّم ضاحكًا على سذاجة أحلامي وسطحيتها، ولكنك لا تنبس ببنت شفة. لأن وجودك وحده يعني أنني لست وحيدة، وأن هناك من ينصت لي، ليس فقط لينصت، بل ليُعلمني أنه هنا. وكأنك تقولها في أذني همسًا همسًا "أنا هنا. أنا هنا".

أحبّك لأن في كتاباتي الليلية وِحدة ووحشة وفراع لا يستطيع ملؤه إلا أنت، لأن وجودك في غياب باقي البشرية هو الوجود كما له أن يكون، وكما يجب أن يكون. ولأن نظرة الإنصات في عينيك دائمًا ما تبدو لي وكأنك تنظر إليّ للمرة الأولى، وكأنك تُحبّني للمرة الأولى وتسمع مني للمرة الأولى. لأن هدوءك الروحيّ يبعث على روحي شيئًا من نقاء روحك، فتكمل ما في من نقص، ونصبح معًا كروحٍ واحدة في جسدين.

ما أنت فيه من صمت هو أبلغ تعبير  لا تستطيع أي شفاه أن تتفوه به. وما في جمال روحك ما هو إلا سبب آخر لنبضات هستيرية في قلبي، لا تعطيني قليلًا من الرحمة، ولا أريدها أن تعطينيها على أية حال.  قد يظنّ البعض أنني أتحدث مع نفسي في هذه الرسائل، أو أنني أكتب لشخص وهمي أو خيالي غير موجود، ولكن يكفيني أن أعلم أنك موجود، وأنك هنا الآن، تقرأ ما أكتبه قبل أن أكتبه أنا، وأنك تستمع إليّ في هدوء وسيأتي وقتٌ سأسمعك أنت تتحدث، وأصبح أنا من يتبسّم ضاحكًا ولكن ليس على سذاجتك، بل على أسرارك التي لن أعرف لها نهاية. وسأعرفك شيئًا فشيئًا دون كلل أو ملل، لأنك سبب نبضات قلبي المضطربة ونقصان روحي الفانية.

وسأقولها لك دومًا، أُحبّك حتى تأتي، وإن لم تأتِ فسأظلّ أحبّك. لأنك بداخلي شئتُ أم أبيتْ.

ولكَ كلُّ ما فيّ،
نون 

No comments:

Post a Comment