إليكْ،
لم يعُد عندي ما يقال، وكأن الكلمات
بداخلي قد فرغت من معناها، أو فقدت معناها، أو ماتت في مكانٍ ما بالداخل.
أشعر بوحدة شديدة، وقد أصبحت هذه الوحدة
هي في حد ذاتها حياتي من الصباح الباكر إلى الليل وآخره. لم أعد أريد أن أكسب
الكثير من المال ولا أن أصبح "ناجحة" أمام المجتمع الذي أغرق في تفاصيله
المرهقة. جل ما أريده هو العيش في سلام، دون أن أعبأ بما يقوله من حولي من تثبيط
هِمم أو بعث للتشاؤم في نفوس الآخرين.
لم تعُد الحياة كما كانت من قبل، كلنا
يهتم بما يفعله الآخر، بالمعنى الإيجابي للحديث. لم يعُد هناك من يستغرب اختفاءنا
أو حزننا، فكلّنا في الحقيقة حزانى. كلّنا نغوص ونغرق في دوامات الحزن حتى أصبح
الفرح شيئًا بالكاد له قيمة. توقّفنا عن المحادثات التليفونية لأن الإنترنت أتاح
كل شيء. ولم يعد لدينا بصيص من الأمل أن شيئًا في حياتنا سيتحسّن. نسينا أصوات
بعضنا بعضًا على الهاتف، بل نسينا ذكرياتنا سوية منذ سنين مضت. نسينا كل شيء
وانخرطنا في دوامات الحياة الكئيبة التي ليس فيها من البهجة شيء.
أرجو ألا تسيء فهمي، أنا لست حزينة،
أنا فقط أتأمل ما وصلنا إليه في الحياة من حزن وجحود. نسينا من نحن، ونسينا أننا
كبرنا، ولكن الأهم أننا نسينا أن أعمارنا ليست إلا أرقامًا تتغير. نسينا أننا
فانون.
ولكَ كلّ ما فيّ،
نون