Friday, January 1, 2016

حتّى تأتي، أُحبُّك

إليكَ أنتْ،

منذ سبتمبر الماضي وأنا أكتب لك، ولا أدري ما إذا كنتُ سأتلقى منك ردًا يومًا ما، أم أن ما أكتبه هذا ما هو إلا تنفيس عن النفس لشخصٍ قد لا يكون له وجود، على هذه الأرض الجرداء البائسة.
وفي هذه الأشهر المعدودة، تعلّمتُ أن الكتابة لا تتطلبُ وحيًا أو إلهامًا ما، ينهال على الكاتب دون وعيٍ، وإذا بالكلمات تتناثر على الورق وتكتب نفسها دون أقلام أو أفكار منتظمة، فالأفكار ستتشكّل مع انتهاء هذه النوبة أو الحالة الهستيرية التي نسمّيها وحي الكاتب، أو وحي خيال الكاتب.
دعك من كل هذا، فهو ليس إلا ترهات لا وجود لها في حياة الكاتب الحق، ذلك الذي يقضي ليالٍ غير منقطعة تتزاحم الكلماتفي أحلامه، وتذبل وتختفي إلى عوالم غير مرئية وخيالات لا تنتمي إلى أوراقه. كله كذب.
خُدعتُ عندما ظننتُ أنني سأكتب إليك بلا انقطاع، لأن وجودك في مدوناتي، ووجود رسائلي إليك، سيبعث إليّ بسحرٍ ما يلهمني أن أكتب لك بشكل يومي، كلمات لن ترَ لها مثيلًا. ظننتُ أن ذكرك في رسائلي وحده سيوحي إليّ أن الكلمات موجودة، ولكن فقط عليّ أن أعثر عليها بداخلي.
كله كذب، كلها أوهام، خُدعنا وظننّا أن الحياة عبارة عن وحي ضائع يبحث عمّن يعثر عليه في كتاب ما.

الكتابة مثلها مثل العزف على آلة موسيقية ما، ستأتي المقطوعة الساحرة فقط بعد ساعات غير منقطعة من العزف والنغمات الشاذة والأوتار غير المنسجمة مع بعضها البعض. كذلك الكتابة، لن تأتي القصة أو الرواية أو الرسالة المبدعة إلا مع عشرات بل مئات الكلمات المبتذلة الركيكة والمكررة.

ولعلّ كتاباتي لك بالأخص لن أتلقّى منها ردًا إلا عندما أكتب ما يُنطق معاجمك فتعتزم الرد برسالة تكون هي ما سيؤول إليه مصيري إما بالسعادة الأبدية أو بالبؤس السرمدي.

وسأظل أكتب باللغتين حتى أعرف لغتك التي تفهمني بها أكثر، وسأظلّ أصارع مع الفشل حتى يتمكن أحدٌ منّا من الآخر. المهم أن أؤمن، وأظل أؤمن، أن العبرة بالخواتيم. والبدايات ما هي إلاّ تحدٍ.

وأحبّكَ حتى تأتي، بكل ما في الكلمة من ابتذال، وبكل ما فيها من خيال.

ولكَ كامل إخلاصي ووفائي،
نون.

No comments:

Post a Comment