Monday, March 28, 2016

الخوف

إليكْ،

عجبًا تحيط بي الأفكار من كل جانب طيلة النهار ولا أجد ما أكتبه في الليل عند جلوسي أمام رسائلك لأحكي لك عما بداخلي. عجبًا يتملكّني الخوف وأنا أستعد للكتابة، وبجانبي كوبٌ من مشروب ساخن يبعث الدفء لكلماتي التي تجمدت من هذا الخوف بالداخل وتعجز عن الخروج.

ولكن ما هو الخوف؟ وما هو الألم؟ أليس الحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوره؟ إذًا ما هو الخوف؟ ما معنى أن تخاف؟ أو ما معنى أن تتألم؟ إن كان ليس للخوف فسيولوجية، فلماذا يؤلم أحيانًا كما لو كان في عضلة القلب؟ أو كأنه ثقبٌ في الرئة؟ أم أنه في القلب كما يشعر بالألم من انفطر قلبه؟

الخوف هو انكماش يحدث في القلب يقتل كل ما في المرء من جرأة. لا، لا، لحظة. الخوف هو أن تتآكل أسباب الشجاعة بداخلك، وتصيب القلب معها بانفطار يجعله يدق بهستيريا كما لو كان يستنزف كل قُواه قبل أن تخور، فتتجمد لهذه الخفقات أطرافك وتصيبها برعشة أو رجفة لا تستطيع أن تفيق منها إلا عندما تهدأ هذه الحرب داخلك. الخوف هو أن تنسى، دون أي جهد للتناسي، ما حولك من أناس وحياة بكل ما فيها، بل من هواء تتنفسه، حتى تشعر أن هناك من هو يضغط على كل عضلة بداخلك ليستنزفها بهدوء ورويّة، ويترك لك جسدًا لم يعد ملكك، بل قد أصبح عضلة منهكة بعد الأخرى، تعافر لتعود أدراجها وتهرب من كل هذه الحرب الداخلية.

الخوف هو أن تعرف من أنت، أن تقف أمام كل ما يثير الرعب بداخلك وتُقرّ بكل هدوء وبكل تقبّل أنك أنت، أنك إنسان وأن الخوف طبيعة فيك، وأنك وحدك صاحب هذه الخيالات الكائنة بالداخل، لا أحد آخر. أنت فقط من له أن يوقف هذه الحرب التي تكاد تكون حرب استنزاف من طرف واحد، لأن الطرف الثاني ليس له وجود مادي.

أنت أنت، وخوفك ليس أنت.

ولكَ كلّ ما فيّ،
نون

No comments:

Post a Comment