Wednesday, March 9, 2016

اللاواقع

إليكْ،

أحيانًا يسيطر عليّ شعور أتمنى لو أستطيع أن أصفه لأحد يفهمه. وكأنني أريد أن أظلّ في مكانٍ ما لأنه يذكّرني بالحياة التي أريد أن أعيشها، كأن أزور مشتلًا ما فتتملكني رغبة عارمة بأن أمكث فيه قليلًا، أو كثيرًا، لأنه يذكّرني بالتلال الخضراء التي أحلم برؤيتها عند زيارة مدينة في إسبانيا، أو ما شابهها من مدن ساحرة في دولة لم أزرها قط.

عادة ما يتملّكني هذا الشعور لأيام، فألجأ إلى مشاهدة فيلم أو قراءة رواية لأعيش هذا الإحساس بكل ما أستطيع من قوة، كي يهدأ قليلًا ويتركني وشأني. وأحيانًا أتركه يسرق ما يودّ أن يسرق منّي، ويترك ما تبقّى كي أصلحه أنا وأعيش هذه السلسلة التي لا تنتهي من جديد.

وأحيانًا أخرى أقنع نفسي بأن أعيش معه وأتناسى كل ما حولي، وكأنني أعيش في عالمٍ موازٍ خالٍ من تفاهات الدنيا وبؤسها. فأترك خيالاتي تسبح فيما تريد أن تسبح فيه، وأنعزل عن كل ما يتسبب لي بالواقع، وكأن الواقع أصبح مرضًا والخيال هو الشافي.

حتى أنسى. أنسى أن كل ما حولي واقع لن يتغير، أو لن يتغّير بالشكل الذي أريد. وأنسى أن ما في خيالاتي لن يتجاوز الحناجر، هذا إذا بلغها. أنسى أنني هنا، أنني أتنفس هواء الواقع وأستمع لأصواته وأرى إنسانيته. أنسى ولو للحظة، حتى أستطيع العودة من جديد، وحتى لا أفقد عقلي من كثرة ما في الحياة من واقع، وخلوّها من الخيال.

ولكَ كلّ ما فيّ،
نون

No comments:

Post a Comment