إليهْ،
تتساقط الكلمات الواحدة تلو الأخرى، تقعُ بين يديّ وتهرب من ذلك
الحبس الانفرادي الذي فرضته عليها وحشة القلب وقسوته. تخرج وكأنّها تنزف، قطرة
قطرة، كلمة كلمة، وكأنّ اللسان لا يقوى على أن يتركها تنزلق دفعة واحدة حتى لا
تودي بحياة ذلك القلب التعيس.
تخرج للحياة، دامية ولكنها تصارع للبقاء. تودُّ أن ترى النور حتى
يبعث فيها الروح وتبقى. وتحيا. تدخل قلبًا آخر. قلبًا يحنو عليها ويعطيها ما لا
يعطيها قلبٌ حكم عليها بالسجن مدى حروفها، وهي كثيرة الحروف، قد تأخذ الأبجدية
كلها. تخرج إلى قلبٍ يعلم أين يضعها، بل إنه خصص لها مكانًا في ركنٍ ما من قلبه
النقي، بلا شائبة ولا تملُق.
تشعر أن الحياة قد دبّت فيها من جديد. وتودّ ألا تعود إلى ذلك القلب،
قلبي، مرة أخرى. تتمنى أن تبقى معه، قلبُك، لأنه يعطيها ما لا يعطيها قلبٌ
اعتاد الكتمان. اعتاد ألا يُخرِج أحرفًا قد تؤول في النهاية إلى كلمات لا يقوى على
تحمّل عواقبها. قلبٌ اعتاد أن يبني السجون ويعزل كلماته فيها خوفًا عليها من بني
آدم، من البشرية والبشر. قلبٌ لم يدرِ في يومٍ أن له نصفٌ آخر سيُعطي لهذه الكلمات
ما تحتاج من السكينة والأمن، حتى لا تفقد حياة كانت ستُصبح ذات معنى.
قلبُكَ سكنٌ لكلماتي، وروحي ملاذٌ لصمتك.
وله كلّ ما فيّ،
نون
No comments:
Post a Comment