Thursday, August 4, 2016

لأنهُ هنا

إليه،

لم أنسَ، ولكنّ الحياة تبتلعني. والأرجح أنها تنساني لا تبتلعني. أغوص في دوامة من اللاشيء، لا أدري إلى أين أذهب، وإلى أين تنتهي هذه الدوامة ومتى. أشعر بدوّار شديد وبغثيان. أتحدث ولكنّ الحياة تقاطعني بأمور تُجبرني على ابتلاعها كلما تحدّثت, كما لو كنتُ تحت الماء وسأبلتع المزيد منه إذا نبست ببنت شفة. وحتى لا أغرق أو أبتلع الأمور الحياتية فتدمّرني كما يدمّر الماء الرئة إذا دخل فيها، أصمُتْ. أصمتُ ليس خوفًا ولكن حفاظًا على حياتي. وأتنظر اللحظة المناسبة للظهور مرة أخرى، للانطلاق من جديد. إلى أين سأنطلق هذه المرة؟ لا أدري. ولكنني بلا شك سأنطلق معه هو، وسيدلّني في منتصف الطريق على طريق لي وحدي لن يسلكه معي، سيرشدني إليه ثم يتركني، وسيقول لي “هناك طرق لا أستطيع أن أسلكها معكِ، حتى تستمدّي القوة وحدك ودون أحد، حتى أنا، لأنني فانٍ ولا أريد لكِ أن تُفني ما فيك في حياتي، ثُم أموت فلا يوجد لكِ من الحياة شيء”.
تتردد كلماته كالصدى في رأسي وتتخلل أفكاري الواحدة تلو الأخرى. أعلم أنه مُحقّ وأعلم أنني قادرة على هذا، ولكنني أحبّ صُحبته، فأقرر أن أخبأه في أفكاري. ثم أتركه هناك وأمضي، أمضي إلى حيث لا أدري. وأمضي إلى حيث لن أدري إلا عندما تُلهمني الأفكار بعضًا من الشجاعة.
أمضي لأنه يريدني وحدي، ولأنه يريدني معه أقوى مما مضى. أمضي لأنني أحبّه، ولأن الحياة لن تُغرقَني في دواماتها.
لأنني أستطيع الوصول إلى السطح من أعماق القاع، أمضي.

ولهُ كلّ ما فيّ،
نون

No comments:

Post a Comment