Saturday, August 20, 2016

خيالات الواقع

إليهْ،

يبعث الله لنا أُناسًا يشعرون بكل كلمة نقولها، ولا أعلم من أين يأتي الله بهؤلاء الأشخاص الذين نعتبرهم جزءًا من خيالاتنا.
“من أين أتيت؟ من أين أتى الله بك؟” كلمات نرددها ولا نعلم لها ردًا ولا إجابة. ربما من الأجمل أن نترك بعض الأسئلة لله، وربما لأنه الله، فهو يرزقنا بكل جميل في أقسى أوقات شقائنا. لأنه الله، فإن كل شيء جائز ولا شيء مستحيل.
ولأنه الله، فقد بعث بك إليّ، في أقسى وأحلك أوقات بؤسي وشقائي. جئتَ عندما غابت الشمس وأبت أن تعاود الشروق، وعندما نقم القمر على النجوم وعلى سواد السماء، فقرر أن يثور، أو أن يختفي من الساحة حتى تعود السماء لزرقتها الداكنة، قبل أن يقتلها هذا السواد القاتم الكئيب.
جِئتْ.
جِئتَ لأنك كنت تعلم أنه الوقت المناسب، ويعلمُ الله أنني كنت في أمسّ الحاجة لهذا التوقيت، حتى تظهر، ليعود معك كل شيء. الشمس بإشراقتها حتى وإن كانت تحرق بوهجها، والقمر بضيّه الأبيض الزاهي، حتى وإن غلب عليه الخسوف أحيانًا. والنجوم التي استعانت ببعضٍ من ضوء القمر فباتت أكثر لمعانًا. وكأن مجرّة بأكملها عادت عندما أتيتْ. وكأن سحابتي انكشفت، وحُزني ترك السماء وأعاد إليها لونها الأزرق الذي اعتدتُه. وكأن الحياة أصبحت حياة فقط عندما أتيت.
جِئتْ.
جِئتَ وتُهت أنا في خيالات الواقع، أو في وقائع الخيال، أصبحت شريدة من كل شيء عداك، ولا يهمّني إلى أين أذهب طالما أن يدك في يدي، بل وأحيانًا يداك في يدي. التيه ليس تيهًا معك، بل إنه معنى الوجود، معنى العثور على كل شيء.
جِئتَ لأنك كنت تعلم أنك في حاجة إليّ، وأنني في حاجة إليكْ. جِئتَ لأنني سأُحِبّك.

وقد أحببتُك.

ولهُ كل ما فيّ،
نون

No comments:

Post a Comment